27 فبراير، 2009

هجمات شقيقة


في عز "المعمعة" كما يقال والضرب نازل على دماغ اخواننا الفلسطينيين..

وبدلاً من تنسيق الجهود لرد العدوان ..فوجئنا بهجمات من نوع آخر ..

هجمات شديدة وعنيفة توجه إلينا نحن في مصر..

هجمات من النوع الذي يقال عنه "هجمات صديقة"
على غرار "نيران صديقة"

أو على الأصح "هجمات شقيقة"
حيث أن من يشنها أعتدنا أن نسميهم "أشقاؤنا الأعزاء"..
هجمات كانت حقاً مفاجأة فهي هجمات واتهامات لنا بالخيانة ..
خيانة القضية الفلسطينية

نحن الذين فقدنا آلاف من أبنائنا في الحروب مع اسرائيل

وفقدنا أكثر من 15 ألف جندي مصري في حرب 1967 وحدها ..

في حين تأتي الهجمات واللعنات والاتهامات من أطراف
لم تريق قطرة دم واحدة من أجل القضية التي نصبوا أنفسهم
حرس عليها في محاولاتهم الفاشلة في البحث عن دور لهم

أي دورعلى حساب أي أحد..وياحبذا لو كان دور البطولة

والذي حرمتهم منه ضآلة أحجامهم الحقيقية في المنطقة

وأن يكون بالطبع على حساب دور البطل الحقيقي, حتى لا ينكشف أمرهم

فلابد من إزاحته من الطريق ليصبح المكان خالي لهم..

وكأن الدور تشريفي لا يحمل مسئوليات جسام
علي من يضطلع به أن يتحملها...



كانت أغلب الاتهامات التي انفجرت ضدنا تنصب في

إننا نشارك إسرائيل في حصارغزة

ونغلق معبر رفح اثناء العدوان الاسرائيلي

مانعين دخول المساعدات الانسانية..

وكم كان ذلك غريباً حقاً ..فإنه ينم عن جهل شديد

وعدم متابعة فعلية للأخبار..

فاسرائيل شنت هجومها في يوم السبت27 ديسمبر 2008

فلنلقي نظرة على الأخبار في تلك الفترة

والتي توضح هل كانت المساعدات

ممنوعة من الدخول ومن كان يمنعها

وهي أخبار لا تحتاج لتعليق

ففي الأهرام الصادر بتاريخ الثلاثاء 23ديسمبر أي قبل العدوان بحوالي أربعة أيام كان المانشيت الرئيسي:



لإدخال المساعدات الإنسانية لقطاع غزة:

حماس تعلن موافقة الفصائل الفلسطينيةعلي العرض المصري

بوقف إطلاق الصواريخ لمدة24 ساعة


أعلنت حركة حماس أمس, أن الفصائل الفلسطينية وافقت علي العرض المصري لوقف اطلاق الصواريخ علي إسرائيل لمدة24 ساعة اعتبارا من أمس, لكي يتم ادخال المساعدات الإنسانية من مصر الي قطاع غزة. وقال أيمن طه المسئول البارز في حركة المقاومة الإسلامية حماس التي تسيطر علي قطاع غزة أمس ـ في تصريحات لرويترز ـ إن الفصائل الفلسطينية المسلحة بالقطاع ملتزمة بوقف اطلاق الصواريخ علي إسرائيل لمدة24 ساعة بناء علي طلب وسطاء مصريين.وكانت الجهاد وحماس قد دعتا الفصائل الأخري خلال اجتماع عقده في غزة ليلة أمس الأول, للاستجابة لطلب مصر بإيقاف الصواريخ لمدة يوم واحد للسماح بإدخال معونات إنسانية للقطاع تصل قيمتها الي60 مليون دولار.
وفي الأهرام الصادر بتاريخ السبت 27 ديسمبر, تم عرض ماحدث في يوم الجمعة 26 ديسمبر
وهو اليوم الذي يسبق العدوان وكان كالتالي:

إسرائيل تفتح معابر غزة ليوم واحد
وتوقعات بعملية عسكرية خلال أيام
مساعدات من الهلال الأحمر المصري بـ6 ملايين جنيه لأهالي غزة
القدس المحتلة ـ وكالات الأنباء ـ رفح ـ من أحمد سليم:
أعادت إسرائيل فتح معابر قطاع غزة لمدة يوم واحد, في الوقت الذي توقعت فيه مصادر إسرائيلية شن هجوم عسكري محدود علي القطاع خلال أيام, لوقف إطلاق الصواريخ والقذائف علي المدن والبلدات الإسرائيلية.وقامت عشرات الشاحنات أمس بنقل الأغذية والأدوية والوقود والغاز عبر معابر كرم أبوسالم والمنطار وناحال عوز.وذكر التليفزيون الإسرائيلي أن وزير الدفاع إيهود باراك اتخذ قرار إعادة فتح المعابر بعد مشاورات مع حكومته, وتلبية لدعوات دولية صدرت من مصر, التي زارتها وزيرة الخارجية تسيبي ليفني أمس الأول بالإضافة إلي فرنسا وبريطانيا. وأشار بيتر ليرنر المتحدث باسم وزارة الدفاع الإسرائيلية إلي أن أكثر من80 شاحنة عبرت أمس, بينها5 شاحنات قادمة من مصر, مقدمة من جمعية الهلال الأحمر المصري برئاسة السيدة سوزان مبارك رئيس الجمعية, وتقدر قيمتها بـ6 ملايين جنيه, وتشتمل المساعدات علي40 طنا من الدقيق و20 طنا من السكر, وكميات أخري من الأرز, بالإضافة إلي أدوية طبية.
وفي الأهرام الصادر بتاريخ الأحد 28 ديسمبر أي اليوم التالي للعدوان
تم ابراز أخبار الهجمات ورد الفعل الأول لمصر كالتالي:
230 شهيدا و700 مصاب فلسطينيين في قصف إسرائيل
يتزامن مع خروج الأطفال من المدارس
رئاسة الجمهورية تدين الاعتداءات
وتحمل قوات الاحتلال مسئولية سقوط الشهداء والمصابين
مبارك يأمر باستقبال كل المصابين عبر معبر رفح..
واجتماع عاجل بالقاهرة لوزراء الخارجية العرب لبحث المجزرة
وزارة الخارجية تستدعي السفير الإسرائيلي لإبلاغه بوقف العدوان فورا..
وتجري اتصالات بالأمم المتحدة ومجلس الأمن
والاتحاد الأوروبي لإيقاف الاعتداءات

وفي رد فعل مصري سريع علي العدوان الإسرائيلي, أصدرت رئاسة الجمهورية بيانا, أدانت فيه الاعتداءات الإسرائيلية علي قطاع غزة, وحملت إسرائيل ـ باعتبارها قوة الاحتلال ـ مسئولية ما أسفرت عنه تلك الاعتداءات من شهداء ومصابين.كما أصدر الرئيس حسني مبارك تعليماته بشكل عاجل بفتح معبر رفح البري, واستقبال كل ضحايا العدوان الإسرائيلي من المصابين, وتقديم الرعاية الطبية اللازمة لهم بالمستشفيات المصرية.
أرى أن هذه الأخبار حقاً لاتحتاج لتعليق
وكم كانت الاتهامات مثيرة للدهشة ..
بل وكم كان مؤلماً أن تأتي من بعض المصريين أيضاً
وأنا أقول ذلك ليس دفاعا عن الحكومة
ولكني شعرت أن تلك الاتهامات كانت موجهة لنا جميعاً...

صوت الحقيقة


كنت وأنا أعد الأخبار أثناء العدوان الاسرائيلي على غزة أحاول بقدر الإمكان إظهار الحقيقة وإبراز بشاعة العدوان ووحشية الهجمات وأنا أتمنى من كل قلبي أن يصل ذلك إلى المستمع الأجنبي الذي من المفروض أن تخاطبه الإذاعة الموجهة التي أعمل بها..

لقد شعرت في هذه اللحظات بشدة أهمية هذه الإذاعة, خاصة وأنا أرى الأخبار المغلوطة التي تبثها وكالات الأنباء ووسائل الأعلام العالمية التي يسيطر على أغلبها اليهود .
ففي الوقت الذي يتعرض فيه المتلقي الغربي لحملة دعائية شرسة من الاعلام اليهودي, كم نحتاج نحن إلى أن يصل صوتنا إليه بالحقيقة وبلغته الأصلية...
فليت هناك أهتمام أشد ودعاية أكثر لإذاعاتنا الموجهة في العالم والتي بإمكاننا أن نجعل منها في هذه الأوقات سلاحاً هاماً لنا , فالتأثيرعلى الرأي العام الغربي اصبح الآن من أشد مقومات إنتصار العدو...

وكم أتألم وأنا أتذكر في ظل ذلك, الدعوات المتكررة لالغاء هذه الاذاعات والتقليل من دورها الهام وإنكار ما يمكن حقاً أن تحققه لنا على المستوى السياسي إذا قمنا باستغلالها على الوجه الأمثل ومنحناها إمكانيات أكبر ..

والذين يشككون في أهمية دور الإذاعات الموجهة يكفيهم أن يفكروا قليلا في الأسباب التي دفعت أمريكا بعد غزوها للعراق إلى بث إذاعة "سوا" و المحطة التليفزيونية "الحرة" الناطقتان باللغة العربية وهما النموذج الحي لاستغلال الاعلام الموجه لتحقيق الاهداف السياسية والتأثير على الرأي العام الأجنبي...

24 فبراير، 2009

غزة 2008

رأيتك أمس في الميناء

مسافرة بلا أهل .. بلا زاد

ركضت إليك كالأيتام، أسأل حكمة الأجداد :

لماذا تسحب البيّارة الخضراء

إلى سجن، إلى منفى، إلى ميناء



رأيتك في جبال الشوك

راعية بلا أغنام

مطاردة، و في الأطلال..

و كنت حديقتي، و أنا غريب الدّار

أدقّ الباب يا قلبي على قلبي..

يقوم الباب و الشبّاك و الإسمنت و الأحجار !



رأيتك عند باب الكهف..عند الدار

معلّقة على حبل الغسيل ثياب أيتامك

رأيتك في المواقد.. في الشوارع.. في الزرائب..

في دم الشمس رأيتك في أغاني اليتم و البؤس !

رأيتك ملء ملح البحر و الرمل

و كنت جميلة كالأرض.. كالأطفال.. كالفلّ




عاشق من فلسطين ..محمود درويش





على مدار كل سنوات عملي غير القصيرة ورغم كل الأحداث والمآسي التي كان علي تحريرها ونقلها لم يمر علي شيء بمثل هذه القسوة والبشاعة..

ثلاثة أسابيع..22 يوما من العنف العبثي..من الظلم المكثف..

وضمير العالم في حجرة الانعاش..



وفي وسط كل هذا تطلع علينا احدى الطبيبات النفسيات لتعلن رفضها التام لعرض صور الضحايا والدمار الذي ألحقه اليهود بغزة وذلك حتى لا تؤثر تلك الصور الوحشية على نفسية المشاهد وتصيبه بالاكتئاب..

المشاهد الذي يجلس في مقعده الوثير وقد تغطى جيدا مخافة الشعور بالبرد ومن الجائز أن تكون بجانبه أيضا مدفأة وأمامه مالذ وطاب من الطعام والشراب..وسينهض بعد ذلك لينام في فراشه الدافئ الآمن..

ولا أعني أن جميع المشاهدين بهذا الوضع ولكن الذين ليسوا على تلك الحالة لا أظن أنهم ينتظرون تلك الصور ليصابوا بالاكتئاب..



لقد أصابني الغيظ الشديد وأنا استمع لهذه الطبيبة التي لا يهمها سوى أن تحمي ذلك المشاهد من مجرد الشعور بمن في الصور بهؤلاء الضحايا الذين نرغب في ان نحرمهم حتى من مجرد التعاطف المعنوي وكأننا نشارك في عملية التعتيم الاعلامي التي يقوم بها اليهود ليغطوا على جرائمهم..

وتبرر الطبيبة ذلك بأن من سيشاهد صور الضحايا سيشعر فقط بالاحباط لانه سيجد نفسه عاجزاعن عمل شيء وهذا الكلام في حد ذاته هو ما يصيب بالاحباط...فقد يكون عرض هذه الصور في كل مكان وفي كل وقت هو في حد ذاته عمل له أهمية يمكن تقديمه لهؤلاء الضحايا ( إذا لم يصدق أحد ذلك فلينظر إلى حجم الدعاية اليهودية وحجم الاهتمام الذي توليه اسرائيل للدعاية لها واثارة شفقة العالم عليها)
وما يمكن عمله كثير أقله التبرعات للمصابين واسر الضحايا..




وتلك الطبيبة التي تشفق على من يرى تلك الصور مجرد رؤية عابرة من حين لآخر تشفق عليه من الاكتئاب, فماذا عن ذلك الذي يتوجب عليه المكوث يوميا لمدة أربع ساعات ليغوص في تلك الاخبار حتى الثمالة.. لا يراها فقط إنما يقرأها جيدا ويستوعبها و يحررها ويترجمها..



كانت اخبار الموت والدمار تتدفق في هذه الأيام وفي الساعة الواحدة تنهال عليك عشرات الأخبار, اخبار من قُتل ومن جرح وما تدمر ومن القى تصريحات نارية ومن شجب ومن استنكر ومن دافع عن هذا الطرف ومن دافع عن الطرف الآخر ومن شتم هذا ومن سب ذلك الى آخره ... كان علي في كل يوم أن أقوم بتجميع كل هذه الأخبار فأجد أمامي أكثر من خمس صفحات علي أن أقوم باعدادها لتكوين خبر واحد أو اثنين على الأكثر..وتصادف أن العمليات الوحشية بدأت في موسم امتحانات واجازات فكان علي القيام باغلب شفتاتي وحدي فلايوجد معي زملاء يمكنني أن القي بهذا الحمل عليهم أو حتى أن نتشارك فيه بدلا من أن أحمله وحدي..



لقد كنت أعود إلى المنزل بعد ذلك وأهرع الى الأخبار اتطلع إلى خبر النهاية نهاية هذه المأساة ولكن أيضا نهاية لعذاب شخصي عانيت منه كثيرا وكان شبح الكآبة يرتسم على تفاصيل حياتي كلها وليس فقط تلك الساعات التي أعد فيها الأخبار..



أشد ماكان يؤذيني أخبار الموت وأخبار الخسة والنذالة التي تميز طريقة الجيش الاسرائيلي في تصفية ضحاياه.. ففي أحد الأخبار طلب الجنود اليهود من عشرات المدنيين الفلسطينيين و الغالبية العظمى منهم طبعا من الاطفال والنساء طلبوا منهم الخروج من منازلهم و التجمع في مبنى واحد ليجنبوهم بذلك القصف كما يزعمون وبعد أن اطمأن إلى ذلك الفلسطينيون أو لم يطمأنوا فليس في أيديهم سوى ذلك , تجمعوا في المبنى فقام اليهود بالمنتظر منهم طبقا لتاريخهم الطويل من الخسة و قاموا بقصف المبنى منتشيين بقتل الاطفال والنساء...وغيرها من الأخبار المؤلمة والمثيرة للدهشة فهل يتصور أحد أن يتم قصف مبنى الأمم المتحدة و بان كي موون في زيارة للمنطقة "إيه البجاحة دي" وقصف الهلال الأحمر و المستشفى الخاص به ..وقصف المدرسة التابعة لوكالة الأنروا وقد تجمع بها عشرات الفلسطينيين المدنيين هربا من العدوان... وقصف قوافل الأنروا للمساعدات الانسانية والتي لم يكن للامم المتحدة رد فعل إزاؤها سوى وقف المساعدات والذي بالطبع لم ينتج عنه سوى زيادة معاناة المدنيين الفلسطينيين...




وحرقة الدم أيضا من وكالات الانباء العالمية التي تنشر الخبر لكنه مليء بالايحاءات الخفية التي لا ينتبه إليها غير المتخصص والتي تصب كلها في اطار واحد وهو تبرير الهجمات الوحشية للجيش الاسرائيلي..
و الصمت الغريب الذي ألجم ضمير العالم وجعله يسمح بهذه المجزرة البشعة واستمرارها لأكثر من ثلاثة أسابيع وهي مدة لم يسبق لها مثيل..ومن علق على الأمر وأعلن موقفه نقول ليته ما فعل..فموقفه المخزي لا يخرج عن مساندة ما يسمونه "حق اسرائيل في الدفاع عن نفسها".. وهو حقاً ما لا أتمكن من فهمه..فما معنى الدفاع عن نفسها والدفاع عن نفسها ضد ماذا؟!.. ضد "بعض الصواريخ اللعبة" التي نفعها أكثر من ضررها ونفعها بالطبع لصالح اسرائيل كحجة للعدوان..
و"الدفاع عن نفسها" ضد من؟! ..ضد الأطفال والنساء الذين يمثلون أغلب ضحايا العدوان .. لقد أسفرت الهجمات الوحشية الاسرائيلية عن مقتل 1.330 فلسطيني بلغ عدد الأطفال منهم 437 والعجائز 123 وعدد الجرحى 5.450 والأطفال منهم 1.890...




أعرف ان معاناتي لا تصل في حجمها حتى إلى قدر ضئيل من معاناة الضحايا الذين لن أوفيهم حقهم أبدا...لكني حقا لا أريد لهذه الأيام أن تعود أو أن تتكرر ..وإن كنت أشك في ذلك مادامت الوجوه هي الوجوه والحال هي الحال...

دمها تقيل قوي

ما هذا الذي أكتبه؟ واضح إن المدونة بتاعتي دي حتبقى آخر نكد..
وده طبعا راجع لعملي "كصبي حانوتي" (على رأي هنيدي)

لكن أعمل إيه.. لما يحس الانسان بالوحدة مثلي ليس أمامه سوى أمرين: إما إنه يكلم نفسه... أو إنه يعمل مدونة يكلم فيها نفسه برضه...
عموما اغلب المدونات دمها خفيف ولذيذة..

فإيه المانع إنه يكون فيه مدونات دمها تقيل...يعني عشان يبقى فيه ده وفيه ده..ومايبقاش حد نفسه في حاجة!..

20 فبراير، 2009

نافذة على العالم

المضحك في الأمر إنني من أردت ذلك العمل بشدة, العمل في مجال الأخبار..
وكنت وأنا صغيرة أحلم بنافذة على العالم أتطلع منها على أخبار الدنيا ما يقال وما لا يقال...كنت أريد التعرف على أخبار العالم ونقلها ..لكن يبدو أني في سني الصغيرة تلك لم أكن أدرك حقيقة ما سيواجهني فعلاً...
ففي نهاية الأمر علي أن أكون محترفة تتعامل مع الاخبار..أخبار الدم والقتل والموت والظلم بحرفية كأنها نص مجرد ..

تتعامل مع الكلمات فقط بحيادية شديدة بلا مشاعر بلا مواقف..(وإن كان احتكاكي مع الوكالات العالمية جعلني أرى أن موضوع الحيادية تلك فيه قولان كبير)
وفي الحقيقة إنني أجد أحياناً صعوبة في ذلك ...

صعوبة في ألا أتأثر بالخبر وألا يصيبني الاكتئاب الشديد...
صعوبة في أن أكون بحرفية قائد الجيش الذي يبلغ الأم بفقدان أحد أبنائها في المعركة دون أن يطرف له جفن..

لكن ذلك لا يعني اننا في الأخبار شديدو المثالية فلا أنكر أننا احيانا نجد الاخبار قليلة فنتطلع إلى أي خبر لاكمال النشرة ..
ولا اخفيكم سرا أيضا إذا قلت اننا نشعر ببعض السرور عندما يأتينا خبر في ذلك الوقت الذي ننتظر فيه ..
لكن بلا شك أفضل حينئذ أن يكون مجرد خبر عادي كأخبار المقابلات الرسمية والزيارات عن أن يكون من تلك الاخبار المعبقة بالدماء و المآسي...

أخبار خفيفة

عندما كنت صغيرة وكان صوت المذياع ينساب في بيتنا في الصباح, أظن أنه كان هناك برنامج يسمى "أخبار خفيفة" كان يذاع فيه الطرائف والأخبار الطريفة ...
أتذكر هذا التعبير كثيراً خاصة عندما يتوجب علي أن أجلس أمام الكمبيوتر لأقوم بعملي في تحرير الأخبار ولكنه ذلك النوع من الأخبار المعبقة برائحة الدماء و الظلم,الظلم الشديد الذي يرزح تحته الانسان في كل مكان على سطح الأرض..
فالفلسطيني والعراقي والأفريقي وكل من ينتمي للأقليات في العالم إنما هو في النهاية إنسان يعاني من ظلم اخيه الإنسان.. فالظالم والمظلوم في النهاية هم من جنس واحد... من قال إن ذلك أفضل وذلك أسوأ..من قال إن ذلك أقوى وذلك اضعف..من قال إن ذلك له حق الحياة وذلك يحرم منه!!...
الذي يغفل عنه الكثيرون (خاصة فريق الظالمين) هو إننا جميعاً في سلة واحدة..

والحياة على تلك الأرض لا أظن إنها تستحق كل ذلك ...فما أخذته اليوم , لا يمكن لأحد على وجه الأرض ضمانه لك غداً.. بل لا يمكن لأحد ضمانك أنت له..
فيحضرني هذا التعبير بشدة خاصة وأنا أقوم بتلك النوعية من الأخبار التي مازالت تصدمني رغم كثرتها ورغم كثرة تعرضي لها
مازالت تمزقني من الداخل..فأنا لاأحرر الخبر فقط وإنما أقوم بترجمته وتلك الترجمة تتطلب مني أن أغوص داخل الخبر لاستوعبه وهو ما يجعلني أعيش الحدث كأني داخله ..كأني مع هؤلاء الأطفال الصغار الذين لا ذنب لهم ولا يجدون منفذاً للفرار من مصير قرره لهم الكبار ذوو الأيادي الملطخة بالدماءوقلوب سوداء مظلمة لا تعرف النور..
كأني هناك داخل ذلك المنزل المتواضع الذي دكته القنابل الغاشمة والصغار يصرخون والأمهات قلوبهن تنخلع...
أو لعلي أجري وأهرول في تلك المطاردة بين رجل منهك القوى أعزل من السلاح ومن ورائه الكلاب الوحشية ورجال مدججين بكل أنواع السلاح...
أو لعلي واحدة من هؤلاء الذين يفرون على الحدود من وطأة المعارك ويحاولون الجوء إلى مكان آمن ليكتشفوا في النهاية إنما هو ساحة أخرى لمعارك جديدة..
والغوص في التفاصيل التي عادة لا وقت لذكرها لضيق وقت النشرة فلا يعرفها أحد يكون أشد إيلاماً..

أظن أن أكثر الأخبار التي أوجعتني بشدة ولاأتمكن من من نسيانه أبداً ..خبر تلك الطفلة الفلسطينية الصغيرة التي كانت عائدة من مدرستها في هدوء ووداعة وفجأة انطلقت الرصاصات العمياء من فوهة سلاح أحد الجنود ااسرائيليين الباحثين ع مجرد تسلية وتضييع وقت..فمزقت الرصاصات جسدها الصغير الطاهر وجعلته "كالغربال" نعم هذا هو التعبير المستخدم ...تخيلوا "تغربل جسدها من الرصاص" هكذا كانت الترجمة للتعبير المستخدم بكل بساطة... كان علي تحرير الخبر وحذف التفصيلات غير المهمة لكني لم أرى أي شيء غير مهم في ماساة تلك الصغيرة البريئة..لقد اختنقت بشدة ولم أمكن من السيطرة على نفسي فانسابت الدموع من عيني وشعرت اني اريد أن أصرخ بشدة وأملأ الكون صراخاً..لكن ما الفائدة فصراخ العالم كله لن يستطيع أن يعيد تلك البريئة للحياة أو يعيد كل هؤلاء الأبرياء الذين مزقهم الظلم....

من أنا!!


ما أصعبه من سؤال.. حتي إنني لا أتمكن من الإجابة عنه بعد أن أعياني التفكير فيه طويلاً.. فأنا أظنه واحداً من أصعب الأسئلة التي يمكن أن تواجه الانسان في حياته وإن كان يبدو في مظهره بسيطاً وسهلاً إلا إنه يحتاج إلى تفكير عميق للحصول على إجابة حقيقية وليس فقط إجابة مظهرية (خاصة بالمظهر الخارجي). فيمكنني أن أقول ما الداعي لكل ذلك التعقيد فالاجابة بسيطة:- أنا مجرد واحدة تعمل كمحررة ومترجمة للأخبار بالاذاعة ولها بعض المحاولات في الترجمة الأدبية PUNTO E BASTA كما يقول الإيطاليون (نقطة وانتهى الأمر). ولكني أظن إنها مجرد إجابة سطحية لا تشي بالكثير... لقد هالني ذلك السؤال في البداية خاصة عندما رأيت أن أغلب المدونات يختار أصحابها عبارات تنبئ عن شخصياتهم وتكون عميقة في مضمونها.. فماذا سأختار أنا ليكون واجهة تعكس العمق الحقيقي لي والذي لا أظن أن أحداً يعرفه ولا حتى أنا..حتى إني أشك في وجوده أصلاً... فأنا عندما أمعن التفكير في الأمر أجد أن شخصيتي تملك وجوهاً عديدة.. كل فريق من الناس يرى وجهاً واحدا فقط ً منها ..فالناس القريبون مني ويعيشون معي يرونني بطريقة ..والقريبون الذين لا يعيشون معي يرونني بطريقة أخرى .. والبعيدون الذين تربطني بهم صلة سطحية يرونني بطريقة مختلفة .. والبعيدون الذين لا تربطني بهم أي علاقة يرونني بطريقة غير ذلك أيضاً.... وفي النهاية أجدني أنا أرى نفسي بطريقة مغايرة تماماً لكل ذلك ...
فأين الصورة التي تعكس الحقيقة ويمكنني أن أقدمها كواجهة لشخصيتي وتعريف لمن لا يعرفني؟!
لقد دخلت في متاهة حقيقية يصعب الخروج منها بسلامة, ولاأحب أن أدخل فيها أحداً معي ولا أريد تعقيد الأمور أكثر من ذلك والاسترسال في الحديث عن نفسي... فكما قال الكاتب الكبير يحى حقي

التحدث عن النفس!
ياله من لذة ساحرة, تواضعها زائف,
ياله من ملل فظيع, يستحب معه الانتحار.
وفي غمرة محاولاتي للخروج من ذلك المأزق تذكرت تلك الأبيات التي قرأتها منذ سنوات للرائع صلاح جاهين
أنا شاب لكن عمري ألف عام
وحيد لكن بين ضلوعي زحام
خايف و لكن خوفي مني أنا
أخرس و لكن قلبي مليان كلام
عجبي!!!!
فعندما قرأت تلك الأبيات لأول مرة أصابتني الدهشة الشديدة لشدة توافقها معي وكأنها كتبت خصيصاً من أجلي وكأنهاكما يقال "لسان حالي" ...فكان تذكري لها فيه انقاذ لي من حيرتي ...فعذراً للشاعر العظيم إن استعرتها منه فقد تكون عنوان تعريفي...

13 فبراير، 2009

صدفة بحتة

كيف حدث ذلك؟ وكيف تم إنشاء هذه المدونة؟ أظن أن أحداً لن يصدق إن ذلك تم بالصدفة البحتة وإنني لم يكن لدي أية نية حقيقية لانشاء هذه المدونة..
لعل ذلك الخاطر داعب ذهني قليلا, لكني كنت متأكدة إنني لن أقدم على تلك الخطوة أبدا, فأنا أعترف بأنني لا أتحلى بذلك القدر من الشجاعة, كما أنني لا أملك من المواهب ما يؤهلني لذلك فليس لدي أية موهبة لأعرضها أو أخبار تهم أحد, أو كلمات تثير الاهتمام لأدونها , فعادة كلماتي إن وجدت لا تثير سوى الملل مثل شخصيتي تماماً..
ولكن كل ما حدث أنني بالصدفة كنت أحاول كتابة تعليق على احدى المدونات التي أعجبتني ووجدت نوافذ عديدة تنفتح أمامي كما انفتح من قبل أمامي عالم المدونات الساحر الذي جذبني بشدة وجعلني مفتونة بهذه الفكرة الرائعة أن يكون لك نافذةعلى الآخرين تدون فيها ما تشاء وتعرض فيها أفكارك وآراءك بحرية شديدة كما أعجبتني الكثير من المدونات واعترف بأنني تمنيت من داخلي أن يكون لي واحدة مثلها لكني كما قلت لم أكن لأجرؤ... لكن في النهاية صارت لي مدونة وأظن إنها كانت صدمة شديدة لي..فما حدث كان دون قصد..لقد جلست يوماً اتصفح بعض المدونات والملل يفترسني فأخذت أضغط على بعض الازرار بلا اكتراث رغبة مني في أن أجد شيئاً جديداً وقد توقف عقلي عن التفكير ,ففوجئت بي اضغط على أزرار إنشاء المدونة..انتابني الخوف ولكني طمأنت نفسي بإنني فقط سأرى الخطوات ولن أتوغل كثيراً فيمكنني التراجع ببساطةولكني فوجئت أن الخطوات بسيطة جدا جدا وفوجئت برسالة تقول لي أنهم قاموا بانشاء مدونة باسمي!! هكذا ببساطة حتى إنني لم اختر اسماً جيداً لها..طرأ ذلك الاسم على ذهني من قبل لكني استبعدته تماماً لأفاجأ بأنني أمام الأمر الواقع, وقبل أن يصيبني الذعر أو لعله اصابني فعلا أخذت ابحث عن أي اشارة للتراجع, أي ايقونة لالغاء ما ارتكبت من خطأ , فالغريب والغريب حقاً إني لم أجد.. ولا أعرف السبب .. أو لعل هناك طريقة لالغاء المدونة لكن لجهلي طبعا لا أعرفها.. فماذا أفعل؟! لذلك أقول أن الأمر كله محض صدفة ..والآن تظهر نافذة تطالبني بكتابة رسائل..فأي مأزق هذا الذي وضعت نفسي فيه!..أنا لست مستعدة له الآن أو بعد ذلك, وهكذا تركت المدونة فارغة فالأمر حقاً أثار فزعي كيف يمكن أن أكون مسئولة عن مدونة كهذه.... ولكني عندما فكرت قليلاً وجدت إني لن أخسر شيئاً.. فعلى أي حال لا أظن أن أحدا سيزور هذه المدونة في يوم من الأيام وإن ما سأكتبه لن يطلع عليه أحد...
ولعل ذلك الشيء الوحيد الذي طمأنني كثيراً.......

بسم الله الرحمن الرحيم

بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
والصلاة والسلام على أشرف المرسلين
سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
اللهم اهدنا فيمن هديت وعافنا فيمن عافيت
وتولنا فيمن توليت وبارك لنا فيما أعطيت
واصرف عنا شر ما قضيت إنك تقضي ولايقضى عليك
إنه لايعز من عاديت ولا يذل من واليت
تباركت ربنا وتعاليت