21 أغسطس، 2009

سؤال بريء

سؤال بريء خطر على ذهني وأنا أستمع لخبر جماعة جند انصار الله
التي أرادت القيام بانقلاب ضد حماس في قطاع غزة:
"هل ذاقت حماس من نفس الكأس التي اذاقتها لغيرها؟"
هل يمكن لما حدث أن يجعلها تعيد النظر فيما آلت إليه الأمور
في السلطة والكرسي وما تحدثه في النفوس من تغييرات...
بريق السلطة الذي يجذب كل العيون البعيدة عنها يجذبها ويغريها
ويزيدها سخطا على من يمتلك في يده السلطة .. فتتضخم اخطاؤه
ويصبح الحل الوحيد هو اقصاؤه عن السلطة تماما
وأن يضعوا هم أيديهم عليها بدعوى إصلاح ما فسد
ولا يهم كم الأرواح البريئة التي ستزهق في الطريق لذلك
ولكن بمجرد أن يتمكن هؤلاء من السلطة ويجلسون على الكرسي
تتبخر كل الوعود.. وتتغير النفوس..
وتصبح الوجوه الجديدة هي تماما الوجوه القديمة
نفس الأفكار..نفس الأسلوب..
وكأن هذا الكرسي له عقله الخاص من يجلس عليه يجب أن يتخلى

عن عقله وأن يضع ذلك العقل كشرط أساسي للجلوس عليه


وهل يمكن لما حدث أن يجعلها تعيد النظر في الاصرار على الخلاف
ونسف أي بارقة أمل في الاتفاق دون النظر لعواقب ذلك..
فالفوضى التي تعيشها الآن الساحة السياسية الفلسطينية
والانقسام الشديد الذي يعاني منه الشعب وحده هو تربة خصبة
لافراز المزيد من حركات التمرد والسخط
وبدلا من أن يوجهوا رصاص أسلحتهم نحو العدو المشترك
يوجهونه إلى صدور إخوانهم!!


وبصراحة لم أكن أتصور أن تقوم حماس بنسف منزل قائد تلك الجماعة
وقتله بهذه الطريقة بل وتقوم بنسف أحد المساجد؟!
فلماذا تعيب على اسرائيل ما تفعله..أم إننا صرنا نتعلم من أعدائنا؟!

عمل اللي عليه!!




المواطن الأمريكي جون يتاو بسلامته عاد إلى أرض الوطن
بعد ما الصراحة عمل إللي عليه.. لا وكمان بعد ما رجع اخذ يصرح
بكل بجاحة إنه غير نادم نهائياً على ما فعله!

والسيد يتاو لمن لا يعرفه هو الذي كان السبب في الحكم على زعيمة
المعارضة البورمية سان سو كي بعام ونصف جديد من الاقامة الجبرية
وذلك بعد أن قام بالذهاب سباحة إلى منزلها الذي تقضي فيه العقوبة المحكوم
عليها بها من عشرين عاما فخالف بذلك أوامر عدم الزيارة المفروضة عليها
فكان نتيجة هذا العمل الذي لا يشعر تجاهه يتاو بأي ندم بمزيد من المعاناة
لتلك السيدة التي قضت عشرين عاما في الاقامة الجبرية
وكانت على وشك الانتهاء ..
كما ان الحكم الجديد سيحرمها من دخول الانتخابات التي سيتم عقدها قريبا
فماذا كان ياترى سبب اقدامه على هذا العمل و سو كي تؤكد
إنه لم يسبق لها معرفته..
هل يتخيل أحد إنه برر ذلك بانه رأى حلم سيء أي كابوس
عن سو كي فأصابه الخوف عليها وقرر الذهاب للاطمئنان عليها
"ياسلام على قلبه الطيب!!" لكن يظهر إنه لم يدرك حتى الآن
إنه هو نفسه كان الكابوس .. المصيبة اللي نزلت على دماغها..
وطلع منها هو طبعا زي الشعرة من العجين فرغم الحكم الصادر ضده
لكن ده مواطن أمريكي مش لعبة ..أمريكا طبعا تحركت بسرعة
وبكل قوتها وطلعته ورجع عادي خالص لأمريكا بعد ما عمل اللي عليه
والله كتر خيره!!

12 أغسطس، 2009

أجمل قصيدة













وطني ليس حقيبة وأنا لست مسافر








كانت عنوان جانبي لأحد المقالات بمجلتي المحبوبة "صباح الخير"..
قرأته وأنا صغيرة جداً..كان المقال بالطبع عن فلسطين والمهاجرين

لكن الغريب انهم لم يذكروا قائل هذه العبارة التي أعجبتني كثيراً
وراودني الاحساس إنها لشاعر لما فيها من موسيقى داخلية رائعة

ومعنى عميق مختزل في كلمات قليلة وهي طبيعة الشعر
الذي له أثر السحر في نفسي..
أعجبتني العبارة فدونتها في دفتري الصغير الذي كنت أحتفظ فيه

بالعبارات والأقوال التي تثير اعجابي..
وكنت أرددها دون أن أعرف صاحبها ..

بعد سنوات قليلة عرفته وأكتملت القصيدة في قلبي لا تفارقه

وجاورتها في العشق أخريات تهبه السعادة وتمنحه النسائم اللطيفة

لتخفف عنه قيظ الحياة المر ..
كنت أسير يوماً في الطريق عائدة من العمل ..

كان قلبي منهكاً من التفكير والملل وخيبات الأمل فكرت أن أسير
قليلا قبل أن أستقل المواصلات لأعود للمنزل, رغم أن الوقت

كان ظهراً وحر أغسطس يشوي الوجوه..
إلا أن السير يخفف قليلا من الألم..وصلت إلى ميدان الاسعاف

وقبل أن أصل للمترو وجدته يقف أمام المحطة يفصله عنها

حوض الزرع الصغير الذي ظهر منذ زمن ليس ببعيد يفترش

الرصيف الواسع بعدد هائل من الكتب القديمة وأخذ بصوته الجهوري

ينادي عليها: "فرصة الكتاب بجنيه واحد!"

ذهبت إليه بتلقائية ودون تفكير كما أفعل دائماً عندما أرى أي
فرشة كتب أو جرائد حتى لو لم اشتري شيئاً..لكن مجرد رؤية

الكتب تثير في البهجة وتمنحني شعورا بالراحة لا اعرف له سببا
كان أغلب ما يعرضه كتب دار الهلال القديمة ..
يبدو إنني كنت الوحيدة التي لبت نداءه وتوقفت لأفحص الكتب

توقف للحظات وهو ينظر إلي وعندما تأكد انني توقفت عن السير
فعلا واتطلع للكتب بدأ يحدثني ببعض الكلمات المشجعة ليحثني

على الشراء لم أكن أنصت له جيداً لكن يبدو لي إنه قال ساخرا إنه
استولى على مخزن لدار الهلال أو ورثه او شيء من هذا القبيل

لم أكن أركز كثيراً في عناوين الكتب فقد كانت الكتب مرصوصة

بشكل عشوائي فلم تكن أغلب عناوينها واضحة لكن كان يبعد عنها
قليلا مجموعة أخرى من الكتب عددها قليل جداً لكنها موضوعة

في عناية شديدة ونظام دققت فيها النظر فوجدت كتابا أدهشني

كان كتابا عنه.. ذلك الشاعر الرائع محمود درويش

بل ومؤلف الكتاب هو الكاتب العظيم رجاء النقاش ..كانت فرصة
لا تعوض هرولت إلى مكان الكتاب وألتقطه بحرص كأني أخاف

أن يكون قد لمحه أحد من قبلي فيحرمني منه
طلب مني البائع أربعة جنيهات ثمنا له لا أعرف هل لمح لهفتي

عليه لكني ناولتهم له دون نقاش فلو ادرك قيمته الحقيقية
لما باعه بمئات الجنيهات..
عدت إلى المنزل وقد تبدل حالي كأني طفلة صغيرة وجدت دميتها
الضائعة كان الغلاف يزينه صورته الجميلة وهو بعد شاب صغير
اتطلع إليه من حين لآخر كلما دخلت غرفتي ..كم كان رائعاً
مر يومان على هذه الواقعة كنت اجلس أمام التلفاز أجول بين

القنوات بلا اكتراث لا شيء يجذب الانتباه وفجأة وجدته على

شاشة القناة الثقافية حيث تستضيفه إحدى المذيعات في حوار..
يجلس كعادته هادئاً ووديعاً وكلماته الرائعة تتسلل إلى قلبك..
أخيراً يذاع برنامج جيد في هذا الجهاز.. ولكن ما هذا؟
تنويه أسفل الشاشة "برنامج عن محمود درويش بمناسبة رحيله"

ماذا يا آلهي لم اصدق اخذت أردد الكلمات في ذهول واتساءل

دون أن أحصل على اجابة شافية كيف يمكن للكلمات أن تكون

هكذا قاسية وحادة كالسكين تنغرس في القلب وتقطعه نصفين

وكم يكون الرحيل مدميا للفؤاد ومحطما للروح..

واتساءل هل كانت مصادفة أن اشتري ذلك الكتاب قبلها بيومين

أم إنها يد القدر الحانية ارسلته لي ليواسيني

ويخفف عني وطأة الحزن الثقيل..




والآن بعد مرور عام على رحيله ..أكثر ما يواسيني ويخفف قليلا

من الألم قصائده الرائعة وافتش فيها واتساءل ما هي أجمل قصيدة

سطرها .. وافتش وتزداد حيرتي ..كل قصيدة أروع من الأخرى..

لكني ادرك في النهاية إنه هو نفسه أجمل قصيدة..



أجمل قصيدة قرأتها في حياتي.

07 أغسطس، 2009

هدية غير متوقعة



أحيانا يجد الانسان أحداث حياته وقد تجمعت كلها في شريط واحد


كشريط الأفلام السينمائية يجري أمام عينيه ويعود به إلى الوراء


إلى ذكريات بعضها مر وبعضها حلو ورغم مرارة أكثرها إلا انها


عندئذ يكون لها مذاق مختلف يمتزج فيه الألم والفرح والحنين


والاندهاش في توليفة غريبة ليس لها مثيل وليس لها عندي تفسير




لعل هذا ما شعرت به عندما زرت مؤخرا معرض فني رائع تحت


عنوان "أغاني لها معاني" للفنانة التشكيلية أمل عفيفي


والذي عرضت فيه لوحات مستوحاة من اغاني الرائع محمد منير.


نجحت عبر هذه اللوحات في أن تنقل الاحساس الصادق


الذي تتميز به أغانيه وأن تبرز اللحظات الانسانية التي عبر


عنها منير ببراعة ..


فتحولت تلك اللوحات إلى سيمفونية شديدة العذوبة والصدق






لكني عندما كنت أسير أمام تلك اللوحات شعرت كأني أسير أمام


ذلك الشريط السينمائي الذي يضم كل ذكريات عمري


وجعلتني ادرك كم ارتبطت تلك الذكريات بأغاني منير


وكأن تلك الأغاني كانت تتجمع لتشكل الخلفية الموسيقية أو


الموسيقى التصويرية لأحداث حياتي ولأحلامي ولآلامي ايضاً..


وجعلتني ادرك كم كانت تلك الأغاني تمر كنسمة لطيفة تهب


على قيظ أيامي فتخفف الألم والوحدة وتمنحني السعادة...






عندما حلت ذكرى ميلادي مؤخراً أصابتني كآبة شديدة


لم يكن لها مثيل من قبل لعلها بسبب تضخم احساسي


بضياع العمر وفوات الأوان


لكن في تلك الليلة فوجئت بأمر ما خفف عني كثيراً


فكان واحدة من تلك النسمات اللطيفة التي ذكرتها


فقد فوجئت بحفل لمحمد منير يعرض في التليفزيون


ورغم الكآبة التي كنت اشعر بها لكن غمرتني السعادة خاصة


وأنا استمع للأغاني القديمة المرتبطة بشدة بذكريات عمري




وشعرت كأنها هدية مرسلة إلى في تلك المناسبة هدية غير متوقعة


وبالطبع غير مقصودة لكني أقابلها بكل امتنان وشكر


لها ولكل تلك النسمات الأخرى التي منحتني إياها أغاني الملك..