06 يونيو، 2009

بابا نويل والدجال

كعادة المصريين في الانقسام و الخلاف..وعادة أيضاً يكون الخلاف
من أقصى اليمين إلى أقصى اليسار..أي إلى الشيء وضده تماماً
(واللي في النص دايما واقع)
ففي وقت قصير وجدت من حولي إما يهيم حباً وعشقاً لساكن البيت
الأبيض الجديد الذي قام بزيارة مصر يوم الخميس الماضي..
ويتغزل فيه كأنه لم تلده ولادة..وكأنه الفارس المنقذ للعالم أجمع
ومخلصه من كل الشرور..بل كأنه "سانتا كلوز" عندما سيأتي
سيغدق علينا بالهدايا والعطايا..
فقد فوجئت وقد انتشر السؤال قبل الزيارة "ماذا يريد المصريون
من أوباما؟" والكل متحمس للسؤال والكل متحمس للإجابة
وكأنه فعلا بابا نويل يسأل العيال "أجيبلكم إيه في العيد؟"..
القسم الثاني على العكس تماماً يرفض أوباما قلباً وقالباً
ويرى أنه الشيطان الكبير والوسواس الخناس بل
والمسيح الدجال (فوق البيعة),ونازل فيه شتيمة و يؤكد إنه لن
يقدم لنا أي شيء فلا يجب أن نعشم أنفسنا وننتظر منه أي حاجة
(نفس فكرة الهدايا وكأنه كان منتظر منه هدية بس لا ده وحش
مش حيفتكر يجيب معاه حاجة وهو جاي!!)
كل هذا وأوباما لم يكن قد أتى بعد أو ألقى خطابه ..
لكن الكل كان جاهز الفريق الأول جاهز بالتصفيق والتهليل
والفريق الثاني محضر الطماطم والبيض الفاسد..
وبصراحة أرى إن الرئيس الأمريكي لم يخذل أحد من الفريقين
وأرضى جميع الأطراف فقال كلام جميل مثلاً عن معاناة الفلسطينيين
وإنشاء دولة فلسطينية واحترامه للإسلام ..
فالفريق الأول مسك في الكلام ده طبعاً ليؤكد إنه مفيش بعد كده..
وقال كلام مش جميل عن المقاومة وعن الحرب ضد أفغانستان
وده طبعاً عجب الفريق الآخر ليؤكد وجهة نظره..
فهل أوباما كان يقصد ذلك؟
لا أعتقد لكن أرى إن السبب هو إن خطابه في الحقيقة كان "كلام مايع"
كلام مجرد كلام "ابن عم حديت" كلام مكرور كمان ..قاله قبله سلفه
وسلف سلفه وشبعنا منه,
وهذا راجع لان السياسة الأمريكية سياسة قائمة على ثوابت
قلما يتغير منها شيء إلا إذا جد شيء ضد مصلحتهم وهي أهم شيء طبعاً
وأهم ثابت من الثوابت مصلحتهم وده شيء طبيعي جداً
ومش قادرة أفهم الجماعة اللي كانوا متعشمين في أوباما
كانوا منتظرين منه مثلا إنه يعمل لمصلحتهم هم مش مصلحة أمريكا!
أعتقد إن الراجل ده لو كان شايف حاجة غلط في هذه الثوابت
ماكانش رشح نفسه أصلاً للرئاسة..
ولا أعرف لماذا كل هذه الأهمية للخطاب ..
أعتقد إن عهد الخطب ولى من زمان ولاينفعنا الآن
الشيء الذي لاأتمكن من فهمه ما هو سر هذه العاطفة الجياشة
التي تجتاحنا سواء بالحب الشديد أو الكره الشديد والتي نضعها
في غير مكانها ففي السياسة لا مكان للمشاعر
والحكم على السياسي لا يكون "أنا أحبه أم أكرهه؟"
وإنما يكون على أفعاله وما حققه بالفعل على أرض الواقع

ليست هناك تعليقات: