19 يونيو، 2009

الشروخ العميقة للكذب

هناك أشياء كثيرة عندما تنكسر وتنتشر بها الشروخ يصعب اصلاحها
بل وفي أحيان كثيرة يستحيل إصلاحها وإعادتها كما كانت
وأظن العلاقات من ذلك النوع من الأشياء التي عندما تنكسر يصعب
اصلاحها وعودتها إلى ما كانت عليه..
وأكثر العلاقات التي يصيبها الانكسار هي تلك التي تتسلل إليها الأكاذيب
فالكذب يصيب العلاقة بشرخ عميق لا يندمل أبداً
شرخ من انعدام الثقة بين الطرفين فالثقة تتلاشى تماما في الطرف
الذي يختلق الكذب ليبرر اخطاءه ويصعب عودتها حتى مع الاعتذار
الشديد وابداء الندم والوعد بعدم العودة إلى الكذب مرة أخرى
فما بالك بالاصرار على إنكار الأمر كله الاصرار على خلط الحق بالباطل
التمسك بالأكاذيب وقلب الحقائق فهل للثقة هنا مكان؟!
أظن أن الحديث عن عودة الثقة في هذا الوضع يعد ضرب من المستحيل
كان الأمريكان قبل غزوهم للعراق وبعد الغزو وحتى الآن يصدعون
رؤوسنا بالحديث عن أهدافهم النبيلة من هذا العدوان الغاشم على
البلد العربي ويصرون ان كل مقصدهم هو نشر الديمقراطية التي حرم
منها العراقيون والقضاء على خطر صدام حسين الذي يتهدد العالم كله
يصرون ويصرون ورائحة الكذب النتنة تفوح من أفواههم وتزكم أنوفنا
جميعاً لكن الصمت كالعادة يلجمنا
لكن الكذب لا سيقان له يظل يقبع في مكانه لينكشف يوما مهما طال أمده
وليشهدوا عليه هم أنفسهم بما لا يدع أي مجال للشك
ففي الأيام الماضية كشفت صحيفة الاندبندنت البريطانية ان المسئولين
الأمريكيين عن اعادة اعمار العراق اختلسوا أكثر من125 مليار دولار
من الأموال المخصصة لإعادة الاعمار بالاضافة إلي أموال المساعدات
التي حصل عليها مسئولون امريكيون لتقديم الاغاثة للعراقيين.
وذكرت الصحيفة ان اعترافات الأمريكيين بدأت تتوالي في التحقيقات
التي يقوم بها محققون فيدراليون امريكيون مع مسئولين عسكريين.
وأضافت الصحيفة البريطانية ان كل هذه الأموال هي جزء من سرقات
منظمة ليس فقط لاموال اعادة الأعمار بل ايضا للنفط العراقي في
عمليات احتيال تمت ولاتزال عبر شركة هاليبرتون الأمريكية الشهيرة
بفضائحها وامتناعها عن تركيب عدادات تحصي كميات النفط المستخرجة
من آبار النفط العراقية. وكشفت الاندبندنت ايضا عن ان السرقات الأمريكية
لم تقتصر علي النفط والاموال بل تعدتها إلي سرقة الآثار العراقية
وخصوصا من متحف العراق الوطني والتي قام بها مسئولون امريكيون
منهم رئيس المجلس السابق للسياسات الدفاعية في البنتاجون
وأحد مهندسي الحرب علي العراق ريتشارد بيرل.
لتنكشف هكذا بالأدلة الدامغة الأهداف الحقيقية للغزو
بعد كل ذلك مازال هناك من يصر على أكاذيب الديمقراطية في
تبرير العدوان وبحار الدم التي خلفها
حتى الاعتذار بخلوا علينا به
والآن يأتي من يدعو إلى عودة الثقة بين العرب وأمريكا
ويضحك علينا بكلمتين عن عظمة الاسلام
لا اعتقد ان كلمات العالم كله يمكنها أن تعالج ذلك الشرخ العميق

ليست هناك تعليقات: