16 فبراير، 2010
الأمل الوحيد
يشتد الزحام أمام واجهات المحال التجارية
عشرات المئات من الناس يذهبون ويجيئون
يتزاحمون فتتخبط أكتافهم وتتلاقى أنفاسهم
منهم من يتمهل في السير ومنهم من يسرع
يسيرون عادة في جماعات أقلها من اثنين
يشاهدون البضائع المعروضة في المتاجر ..
يتناقشون ويتبادلون الآراء عنها ..
هذا يعجبهم..هذا لا يليق بهم..ذاك غالي الثمن ..
وإذا وجدوا ما يناسبهم يدلفون إلى المحل ليشاهدوه
ويجربوه ويتشاوروا فيما بينهم ويتجادلون في
السعر وفي النهاية يصلون إلى قرار..إما بالشراء
أو باستكمال المسير للبحث عن شيء آخر أفضل
وقد يتناولون شيئاً من الطعام والشراب..
وقد يتهامسون ببعض الأسرار..
وقد يروون بعض حكاياتهم وأخبارهم
أو يناقشون بعض مشاكلهم ويستمرون في السير..
وكلما مضى منهم فريق أتى فريق آخر
ليظل الزحام شديداً حتى لا تجد على الرصيف
موضعاً لقدم
إذا كنت تسير في طريقك بجانبهم ..لكنك لا ترى
ما يرون ولا تفعل مثلما يفعلون..تسير وحيدا ليس
بصحبتك أحد..فقط تسير ..قد تنظر إلى السماء
أو تدفن عينيك في الأرض أو تثبت عينيك نحو الأمام
دون أن تكون بالفعل ترى شيئاً..فقط تسير دون
أن يكون لديك هدف مثلهم تضعه نصب عينيك..
دون أن تأتي بأفعال مثلهم..فإنك حينئذ تبدو في
غير مكانك..تسير وأنت تشعر بغرابة السير وسطهم..
ستنظر إليهم وستجد انهم هم أيضاً يشعرون بغرابة
سيرك وسطهم..ستشاهد تلك الدهشة في أعينهم
والسؤال يطل منها..نفس السؤال الذي يتردد في
عقلك..من أنت وما تكون ..وماذا تفعل هنا ..
تسير وسطهم وتجد السير قد صار صعباً وثقيلاً ..
تشعر بأنك ستبدأ في التوقف ولن تستطيع الاستمرار
ستجد إنه لا سبيل أمامك سوى أن تتوقف وتتنحى
جانباً ..لتهبط من على الرصيف..وتبدأ في السير..
السير هناك أسفل الرصيف المظلم ..السير وحدك
بعيداً عن صخب المحال التجارية وواجهاتها المضيئة..
بعيداً عن الزحام..بعيداً عن الناس..تسير وتشاهدهم
من بعيد..تشاهدهم وهم يتبادلون الحديث في ود
واهتمام..وهم يتشاورون ..وهم يشترون
ما يريدون..وهم يسيرون وقد ظللهم الرضا
والسعادة بنجاحهم فيما يفعلون ..باتخاذهم
القرارات الصائبة..حتى ولو لم تكن كذلك..
وبجوارهم من يحبون ..
وعليك أنت أن تظل تشاهدهم من بعيد..
مهما سبب ذلك لك من ألم..
وعليك أنت أن تظل هناك في مكانك المناسب
أسفل الرصيف..تسير نحو ذلك النفق المظلم
الذي ينتظرك في النهاية..
ولا يجب أن تفكر أبداً في العودة إلى أعلى..
لا يجب عليك مجرد التفكير في ذلك..
فلن يجلب عليك سوى مزيد من التعاسة والألم..
لا أعرف بالضبط متى نزلت من على الرصيف..
وبدأت في السير هناك وحدي مر وقت طويل حتى
إنني لم أعد أتسائل متى؟ ولماذا؟ وكيف؟
ولكن السؤال الذي صار يتردد في عقلي دائماً الآن
لماذا..لماذا لم أصل حتى الآن إلى ذلك النفق
الذي صار الأمل الوحيد
الاشتراك في:
تعليقات الرسالة (Atom)
هناك 10 تعليقات:
هل تصدقين انه نفس احساسي خصوصا اليوم أحداثه جعلت تدوينك كأنها تصف حالي انا ايضا يبدوا لي ان هذا النفق هو أملي الوحيد
مهما كان النفق لو كان حل الان بكرة يكون مشكلة وعايزة حل دوان الحال من المحال
والانسان يحاول على قدر المستطاع ياقلم نفسة
مع خالص تحياتى
أراك فى حيرة شديدة
وحزن نفسى عميق
ماذا بكِ
ياهبـة
هونى على
نفســــــك
وكما قال الأمام
الشافعى رحمة الله عليه:
ولرب نازلةٍ يضيق لها الفتى
...ذرعاً وعند الله منها المخرج
ضاقت فلما استحكمت حلقــــاتها
....فرجت وكــنت أظنها لا تفرج
عزيزتي خواطر شابة
لا اعرف لماذا كنت اشعر بان كتابة هذه التدوينة فيه بعض المخاطرة يبدو لاني قليلا ما اتحدث عن نفسي ولان الناس عادة لا تحب هذا النوع من الاحاديث الكئيبة
لكني لا اخفي فرحتي بتعليقك فجميل ان تجد من يشاركك احساسك ويشعر بألمك فذلك يخفف كثيرا
وان كنت اتمنى ألا يكون هذا هو نفس احساسك فقد احزنني هذا كثيرا
وكل ما اتمناه ان يخفف الله عنك ويفرج همك ويسعدك ويحمل لك غد أفضل إنشاء الله
ودمتي في كل خير
عزيزي تامر نبيل
لا احد حقا يعرف إذا كان النفق سيكون أفضل أم لا فالامر يعتمد على اشياء كثيرة
وذكرتني بالقول بأنه حل دائم لمشكلة مؤقتة
ولكن احيانا لا تعطي الحياة للانسان حل سوى الانتظار
شكرا لك كثيرا واسعدتني زيارتك
عزيزتي نورا
أنا احب هذه الابيات جدا فهي اكثر من رائعة
فهي فعلا تخفف الكثير من الضيق
فشكرا لك كثيرا وشكرا لاهتمامك
فقد ساعدني حقا كثيرا
ودمتي في كل خير
لا اظن ابدا ان الامل الوحيد يمكن ان يوجد في نفق ما مهما كانت ملامحه .... ففي اوقات الازمة يري المرء النجاة في اشياء صغيرة ... ضيقة ... بسيطة .... لكنها بالطبع ليست الحل .... فحينما يهوي المرء من مرتفع عال يحاول ان يمسك بالهواء ... والغارق في محيط متسع قد يتوهم النجاة في قشة ضئيلة .... كل هذه الملامح تدل علي ضعف المقاومة لا محاولة النجاة .
ودائما الازمة ليست في قوتها ... وانما في فقدان الحلول ..... وبما ان الشئ بالشئ يذكر فالشافعي يقول :
دَعِ الأَيَّامَ تَفْعَل مَا تَشَاءُ ** وطب نفساً إذا حكمَ القضاءُ
وَلا تَجْزَعْ لِحَادِثة الليالي ** فما لحوادثِ الدنيا بقاءُ
تحياتي لقلمك الرقيق .... في مرور اول
كل واحد مسيره يوصل
عزيزي بحر الألوان
الأمام الشافعي رحمه الله ورضي عنه له اشعار جميلة فعلا مليئة بالحكم النافعة لمن يتدبرها
شكرا لك وسعدت كثيرا بزيارتك الأولى
واتمنى دوام التواصل
عزيزي حلم بيعافر
بالتأكيد كل واحد مننا مسيره يوصل
وربنا يستر على اللي بعد كده
نورتني وسعدت كثيرا بزيارتك
إرسال تعليق