18 يوليو، 2010

أوهام عنيدة






مازلت أذكره رغم مرور السنوات
ومازلت أذكر كلماته التي كان لها أثر شديد في نفسي
أتذكره وهو يقف هناك وحيداً على خشبة المسرح
الغارقة في الظلام إلا من ضوء خافت ينبعث من بعيد
ويتسلل من حوله راسماً هالة من النور
كان يقف وكأنه يحمل شيئاً .. حملا يثقل على يديه
كان يقول إنه يحمل قلبه بين يديه قلبه الوحيد البائس
يحمله ويدور بين الناس يعرضه عليهم
لكن أبى الجميع أن يحملوه..
أداروا له ظهورهم وهم يشتكون من ثقله..
فظل يدور بحمله الثقيل..يدور ويدور بلا جدوى..
كانت كلماته موجعة .. فلم أدري إلا ودموعي
معها تسيل.. لعلها نكأت جرحا قديما..

كم منا يحمل قلبه بين يديه ويدور به فلا يجد
من يقبله
كم منا أعياه البحث والدوران فارتمى في النهاية
في أحضان اليأس
وكم منا يشتكي الوحدة القاتلة..الجاثمة على الصدور..
ولعله أيضاً يشتكي من الوحدة حتى مع وجوده وسط
جمع غفير من الناس يحيطون به..
ويتعجب كيف يحدث ذلك!
لعل ذلك لانك لم تجد بعد ذلك الشخص ..
الذي تطمئن إليه نفسك.. وتسكن روحك على شاطئه..
ذلك الشخص الذي تهتم به اهتماما شديدا فلا يغيب
عن خاطرك..ويبادلك هو نفس الاهتمام
الشخص الذي ترغب في رؤيته دائما ومعرفة أحواله..
وعندما يصيبك حزن ما أو كرب يكون أول من يخطر
على بالك فتهرع إليه مسرعا لتلقي بهمومك على
عتبته ليخلصك من كل آلامك فمعه فقط تشعر
بأنك لست وحدك
وإذا حدث أمر مبهج يكون أول من تخبره ليشاركك
سعادتك فبدونه ليس لها أي طعم..
الشخص الذي يشاركك أحلامك ويدفعك لتحقيق آمالك
إنه ببساطة الشخص الوحيد الذي يقبل راضيا
أن يحمل قلبك..
أعرف أن الوصول لهذا الشخص قد يكون به شيء
من الصعوبة.. قد تظل تبحث لفترة طويلة حتى تجده..
وهناك من يضنيه البحث طوال عمره دون جدوى
ولكن أظن أن الأصعب من كل ذلك إنه عندما تحدث
المعجزة وتجده وتظن أنك أخيرا وصلت لمبتغاك
قد يحدث أن تجده .. وهو لا يجدك..
أي أن تجد أنت من كنت تبحث عنه لكنك ببساطة
لا تكون أنت من كان يبحث هو عنه..
لكننا أحيانا تحت وطأة الصدمة لا نستطيع أن نصدق
ذلك.. وعندئذ نحيا في وهم ننسجه بأيدينا ونتشبث
بخيوطه الواهية.. وهم أن ذلك الشخص الذي نهتم به
وهو لا يبادلنا أي اهتمام سيلتفت لوجودنا يوما ما
وسيشعر بما نشعر به وفي غمرة أوهامنا تلك قد
لا نلتفت نحن لشخص آخر يمنحنا اهتماما حقيقيا..
ينتظر هناك في صبر أن نبادله الاهتمام..
أن نجده كما وجدنا.. ولكننا نصر على أوهامنا..
ونتجاهل كل ما يمنحنا القدر من إشارات ونظل نطارد
تلك الأوهام العنيدة في إصرار غريب حتى إذا حدث
يوما وافقنا من أوهامنا تلك والتفتنا إلى ذلك الذي كان
يهتم حقا لأمرنا قد نجده مل الانتظار..
وضاع منا إلى الأبد..
فلماذا نصر على أن نعيش في الأوهام
ونطارد أشباح لا نعرفها
ما أصعبه من سؤال .. وما أعقد الإجابة ..
لكن لعلها الوحدة المميتة ..
لعله البحث المضني بلا جدوى
لعل تلك الأشباح هي الخيط الوحيد الذي يربطنا بالحياة