وتستمر المهزلة

لم يكن ليأتي يونيه كل عام دون أن اتسائل كيف واجه أباؤنا النكسة.. كيف تحملوا أن يعيشوا الهزيمة..رغم كل ما كنا نواجهه في حياتنا.. لكني كنت اشعر بأن ما واجهوه هم كان اشد.. لأن الهزيمة صدمتهم بعد أن تربع الأمل في قلوبهم.. أما نحن فقد تشربت قلوبنا باليأس.. فتحنا أعيننا على الظلام فلا نعرف غيره.. لم نكن نظن ابدا ان الأمل التائه يمكن ان يجد طريقه يوما إلى قلوبنا
لكن حدثت الثورة.. انتفض من رفض الاستسلام للظلام  ..تسلل دون أن ندري بريقا من الأمل إلى قلوبنا ..عرفنا أن هناك نور يمكن أن يضيء طريقنا المظلم.. لن نتخبط بعد الآن في ظلمات اليأس.. يمكن أن يحدث شيء ما.. كنا عميان والآن نرى
لكن الضباع التي كانت ترتع في ظلماتنا تعيش على مص دمائنا لم تكن لترضى أن نفتح أعيننا ونراها ..زادت توحشا ..تجاهد بكل قوتها لتسحب النور من أعيننا..البعض عادوا واستسلموا للظلام.. اغلقوا اعينهم من جديد ظانين انه كان مجرد حلم 
والبعض مازال يتمسك بشعاع النور رغم استمراره في الخفوت
السؤال هذا العام كيف نواجه نحن هذه النكسة ..هل نستسلم للهزيمة.. ام نتمسك بالنور ونعبر كما عبروا 

******

كنا عادة نضحك على التجربة القديمة التي قام بها احد العلماء في شارع من شوارع مصر عندما وضع حجرا كبيرا يسد مدخل الشارع.. في البداية كان المارون يتوقفون في دهشة أمام الحجر ويحاولون ايجاد وسيلة لعبوره حتى استطاعوا القفز من فوقه , بمرور الوقت لم يعد أحد يتوقف امام الحجر يتعاملون معه كأنه جزء لا يتجزأ من الشارع ويقفزون بتلقائية من فوقه رغم صعوبة ذلك ورغم المجهود الكبير الذي يتكبدونه لم يفكر احد ابدا في امكانية ازاحة الحجر من الطريق.. قام العالم بالتجربة للتدليل على ان المصريين يرضون بالامر الواقع ويتعاملون معه كما هو دون ان تلوح لهم ابدا احتمالية تغييره..انها تلك الاستراتيجية واسعة النطاق الآن بين المصريين التي تثير دهشتي واحيانا كثيرة جنوني عندما يقول لي أحدهم ببساطة "واحنا حنعمل إيه! أصل ده اللي حصل ! أصل مفيش غير كده!" نقولهم الاكل مسرطن وملوث ياكلوه ويقولوا واحنا حنعمل ايه! نقولهم اللبن والجبنة فيهم بودرة سيراميك وكلور وبلاوي زرقا يشربوه ويقولوا واحنا حنعمل ايه! نقولهم الميه ملوثة يشربوها ويقولوا واحنا حنعمل ايه 
عشان كده مش مستغربه قوي من الناس اللي لما كنت اقولهم الانتخابات دي متنفعش لانها غلط من اساسه المفروض كان الدستور الاول ..كانوا يمصمصولي شفايفهم ويقولولي وهم بيبصولي كاني جايه من دنيا تانية اهو ده اللي موجود أحنا حنعمل إيه
طيب المرشحين الاتنين دول برضه ماينفعوش  المره دي بيبصولي كاني مجنونه رسمي وشكلهم كده عارفين كويس حيعملوا ايه.. حيرموني في اقرب سرايا صفرا

*********

لم يكن هناك افظع مما يحدث من مهزلة الانتخابات والاعلانات الدستورية وحنعمل ايه اكثر من اني اجد من كنت اظنهم مساندين للثورة ويقفون امام الظلم والفساد يغيرون موقفهم 180 درجة فقط لانهم لا يعجبهم مرشح الاخوان .. كانت صدمة شديدة عندما وجدتهم يسارعون في انتخاب شفيق رغم ما يعرفونه عنه ورغم معارضتهم الشديدة له فقط حتى لا يكسب مرسي.. لا يوجد اي شيء يبرر خيانة المبادئ.. يا ناس الناس تموت من اجل مبادئها ولا تلويها حسب الظروف

********

انتخابات مجلس الشعب غير دستورية
قانون العزل غير دستوري
الاعلان المكمل بقى دستوري
هو احنا عندنا دستور اصلا ..لأ احنا بنمشي حسب المبادئ الدستورية اللي عملتها الدساتير السابقة ..وإذا كنا لغينا الدساتير السابقة ومش معترفين بيها.. الدساتير السابقة وحشة بس المبادئ بتاعتها شغالة
ماشي انا جاهلة وعبيطة ومبفهمش في الحاجات الكبيره دي
بس سؤال من واحدة جاهلة هو الحكم العسكري اللي احنا فيه ده بقى دستوري؟!

**********

هي ايه حكاية الحرب دي اللي مغلبين نفسهم بيها.. هو احنا خلاص جهزنا كل حاجة وناقص بس مين حيعلنها ..

حيعلنها الرئيس.. لأ وزير الدفاع.. لأ رئيس المجلس العسكري..

طب بس حيعلنها على مين

إذا كانوا بيخوفونا ويقولولنا الحقوا اسرائيل على الابواب.. لأ دي اسرائيل دخلت فعلا.. لا دي كمان حماس داخله خارجة عادي جدا.. أمال انتوا فينا ..حدودنا متسابه كده سداح مداح ؟! يعني هو فيه كده دولة في العالم عدو ليها يهددها وهي قاعدة ساكته..إلا ما طلع حد عشان يطمن الناس حتى ويقول لاسرائيل الزمي حدودك (ولو حتى كلام كده) او يقول احنا حنتصدى للعدو بكل حسم والا الحسم ده بيبقى في التحرير بس

*******

طب واحنا حنعمل ايه بقى يا فالحة مادم عامله نفسك ام العريف وعماله تفتي وتوديشتلنا دماغنا؟
السؤال اللي عارفة انه لو حصل وحد قرا الكلام ده حيسأله
بس للاسف انا بصراحة مش عارفة ايه بالضبط اللي نعمله
كل اللي اعرفه ان الثورة قامت لعزل مبارك وجايز ده كان خطأها لان مبارك ليس سوى ممثل للحكم العسكري مثله مثل عبد الناصر والسادات ..لما الشعب قال مش عايزينه ولانه كان ينوي استخلاف شخص غير عسكري قام الحكم العسكري بعزله ويرغب في وضع ممثل آخر له فالمشكلة لا تكمن في ممثل الحكم بل في الحكم نفسه