22 ديسمبر، 2009

كشف حساب







اقترب العام من نهايته يصحبه نفس السؤال الذي يدق

رأسي دائما كيف مضى هذا العام وكيف مضت الاعوام
السابقة.. كيف تمر الايام بهذه السرعة حتى نشعر
بالسنوات كأنها ساعات والأيام كأنها ثواني!
عندما حاولت ان أقوم بعمل كشف حساب لهذا العام
وجدته كان مثقلا من بدايته بالاحداث والمآسي خاصة
على الساحة العربية والاسلامية فقد كانت بدايته كارثة
على العرب ..فالعام السابق له عام 2008 الذي كان
مليئا بالكوارث أبى أن يمضي دون أن يورثه ميراثه
الثقيل..









فبدأ العام واسرائيل تستكمل ما بدأته في غزة

من مذابح وتدمير شامل وسط صمت مستهجن من
العالم وانقسام شديد من العرب فقد كان كل منهم
لا يهمه سوى مصلحته هي شغله الشاغل..
فبينما تذبح اسرائيل اخواننا الفلسطينيين وجدنا
العرب قد تركوها تماما ووجهوا كل اتهاماتهم لنا
نحن كأننا نحن من نقوم بالعدوان وللاسف وجدنا
من الشعب المصري نفسه من يقف معهم ويكيل
لنا الاتهامات بالخيانة ..
اتهمونا بأننا من نقوم بالحصار على غزة
ونغلق معبر رفح رغم انه معبر واحد من ضمن
معابر كثيرة ورغم إننا كنا نفتح المعبر قبل العدوان
بيوم واحد لادخال المساعدات لقطاع غزة وعندما
حدث العدوان كان أول أمر اتخذناه هو فتح المعبر
وظل مفتوحا حتى بعد ان قام اخواننا الفلسطينيون
باطلاق النار على جنودنا وقتلوا ضابطا مصريا
دون أي ذنب جناه..
ومصراساسا ليس من حقها فتح المعابر كما تريد
لانها ليست طرفا في اتفاقية المعابرالتي تم توقيعها
عام 2005 بين اسرائيل والسلطة الفلسطينية
والاتحاد الأوروبي والتي بموجبها فتح أي معبر
لايتم إلا في وجود مشرفين من الأطراف الثلاثة
والذين انسحبوا منذ استيلاء حماس على القطاع
وبالتالي مصر لا يمكنها فتح المعبر بشكل رسمي
لكنها رغم ذلك تفتحه بشكل انساني لادخال
المساعدات ومرور المرضى والعالقين
اتهمونا بالخيانة رغم كل المساعي التي قمنا بها
قبل العدوان لنمنع تلك الكارثة رغم كل المحادثات
التي قمنا بها للحصول على موافقة حماس على
الهدنة لكن للأسف يبدو انها كانت قد ابتلعت الطعم
الذي ألقت به اسرائيل إليها عن طريق دولة قطر
حينما ابلغ المسؤلون الاسرائيليون والامريكيون
المسؤوليين القطريين بعدم النية في شن الهجوم
فأسرع القطريون يطمأنون حماس فبالغت في رفضها
للهدنة وهي مطمأنة ان اسرائيل لن تشن عليها
اي هجوم وهذا بالضبط ما ارادته اسرائيل لتظهر
ان حماس هي من ترفض السلام ثم حدثت الكارثة
الغريب في كل ذلك ان نفس الطرف الذي كان سببا
فيها هو ذاته الذي شن علينا هجوما كاسحا
وكانت ذروة المهزلة عندما تم عقد قمتين عربيتين
في نفس الوقت واحدة في الدوحة واخرى في الكويت
وهكذا يؤكد العرب للعالم أجمع حقيقتهم الواهنة
وإنهم اضعف حتى من أن يجتمعوا على كلمة واحدة
وليس أن يقوموا بعمل واحد وهكذا نسير بنجاح

الأمر الوحيد الذي كان إيجابيا في كل هذه الكوارث
عندما خرج من اسرائيل نفسها اصوات تندد بالعدوان
بل من الجنود انفسهم الذين شاركوا فيه من استيقظ
ضميره وأدلى بشهادته على عنف ودموية جيش
الاحتلال الاسرائيلي وما ارتكبه من جرائم شهادات
موثقة للتاريخ لن تضيع أبدا مهما انكرتها اسرائيل
فهي شهادة شاهد من أهلها..











وهكذا مر العام على العرب وهم في انقسام ووهن

وعلى فلسطين وهي جريحة وعلى القدس وهي تنتظر

وناقوس الخطر يدق أبواب الأقصى الذي اشتعلت

المعارك من حوله وحوصر المصلون المرابطون

بداخله..





القدس تنتظر..الأقصى ينتظر..المسلمون ينتظرون ..

لكن المتطرفين اليهود لا ينتظرون بل يعملون بكل جد

واجتهاد لينالوا ما يريدون ليهدموا المسجد

ويبنوا الهيكل..فماذا ننتظر ؟






يبدو أننا كانت لنا أولويات أخرى تشغلنا وليست قضية

تداعيات المباراة المؤسفة التي اشتعلت بين مصر

والجزائر سوى مثل بسيط على ذلك ..

ويا شماتة الأعداء فينا !








وما يفعل الانقسام بين العرب وما هم فيه من ضعف

سوى أنه يشجع العالم على أن يزيد من صمته

أمام الجرائم التي ترتكب في حق الشعوب العربية

في فلسطين والعراق ..

فكما رأينا الموقف الرافض لتقرير جولدستون

الذي يفضح جرائم اسرائيل في غزة والموقف

المتباين بين مذكرة التوقيف التي صدرت ضد

الرئيس السوداني عمر البشير من محكمة العدل

الدولية والمذكرة التي صدرت من محكمة بريطانية

ضد وزيرة خارجية اسرائيل السابقة تسيبي ليفني..


ومر العام وما حال المسلمين بأفضل من حال العرب

وما هم بأقل منهم انقساما وضعفا..يتداعي عليهم

الأكلة فعلا وتنهال عليهم الضربات من القضايا

الخاصة والاعتداءات ضد الأفراد مثل قضية

مروة الشربيني التي قتلت بسبب حجابها





إلى القضايا العامة مثل حظر بناء المآذن في سويسرا

وما حدث في إيطاليا من جدل ورفض شديد لاقتراح

أحد المسؤولين بتدريس الاسلام للتلاميذ المسلمين

في المدارس الإيطالية
وكل هذه الاحداث تنم عن جهل الغرب الشديد بحقيقة

الإسلام وفهمهم الخاطئ له وبالتالي خوفهم ونفورهم

منه
والحقيقة التي لا يمكن انكارها هي تحمل المسلمين

أنفسهم مسئولية هذا الفهم الخاطئ فمتى يدركون هذا







ولايمر العام طبعا دون أن نذكر الخطاب الذي وجهه

الرئيس الامريكي باراك أوباما للشعوب الاسلامية

والذي ادعى فيه بمعسول الكلام إنه يفتح صفحة

جديدة مع الإسلام والمسلمين وفي هذا طبعا انقسم

الناس بين متفائل ومتشائم ..

متفائل غالبا ما صدق إن بوش رحل بكلما تسبب فيه

من كوارث وتمنى ان يكون اوباما مختلفا

ومتشائم يرى انه لا يمكن ان ينتهج سياسة أخرى

لأن هذه هي سياسة أمريكا التي لا تتغير بتغير

رؤسائها..
وكان من رأي الانتظار حتى نرى هل يحقق شيئا

من وعوده لكن للأسف بعد مرور حوالي عام

لاتوجد حتى الآن أي بادرة على تحقيقه لأي

تقدم في عملية السلام بل بالعكس لا يمكن

نسيان مثلا موقف امريكا الرافض لتقرير

جولدستون..

وبصراحة مازلت لا افهم كيف تم تسليم

أوباما جائزة نوبل للسلام في سابقة غريبة

من نوعها فهو لم يحقق أي شيء فكانت

مهزلة حقيقية ..



كان العام أيضا مثقلا على المستوى المحلي

وأكثر القضايا بالطبع التي انفجرت لدينا وفي

العالم كله هي انفلونزا الخنازير

لكن لا أعرف لماذا شعرت بأننا كنا أكثر الدول

تأثرا بهذه المشكلة وأكثرها معاناة رغم إننا

لسنا الأكثر اصابة أو الأكثر ضحايا لكن المشكلة

تضخمت لدينا بسبب طريقتنا عموما في التعامل

مع المشاكل.. التضارب في القرارات

وعدم حسم الأمور واتخاذ الفقرارات العشوائية

دون دراسة كافية لعواقب الأمور

ففي بداية المشكلة تم على الفور اعدام الخنازير

وبدا الأمر كأنه نكاية في مربي الخنازير بل هول

الغرب "الي ما بيصدق" المسألة على إنها

اضطهاد للمسيحيين على اعتبار أن مربي

الخنازير أغلبهم من المسيحيين

كل ذلك ولم ننظر نظرة واحدة لمن يعيشون في مصر


عيش الخنازير وسط مقالب الزبالة عرضة لجميع

الأمراض الأشد فتكا من الأنفلونزا ..

هؤلاء لم نفعل لهم أي شيء حتى الآن

وكأننا رحمنا الخنازير من تلك العيشة

وتركنا البني آدميين

فالمشكلة أظن انها تضخمت لدينا أيضا بسبب ما

نعاني منه أصلا من عدم وعي بالنظافة وعدم وعي

بالوقاية من الأمراض وتدني حالة مرافقنا ومدارسنا

ووسائل مواصلاتنا فجاءت الانفلونزا لتكشف لنا

ببساطة عن تدني أوضاعنا الشديد وتطرح التساؤل

كيف كنا نعيش هكذا كل هذا الوقت؟ وإلى متى؟


وبالطبع انفجرت مآسي كثيرة لا تقل خطورة أذكر

اشدها على نفسي وهي قضية المياه الملوثة في

احدى القرى بالقليوبية التي أودت بحياة الكثيرين

بعد أن قام مقاول الباطن في احدى محطات المياه

الجديدة بتشغيلها التشغيل التجريبي باستخدام

مياه الصرف الصحي ويبدو أن هذا المقاول بعد أن

رأى الخضروات والفاكهة تزرع وتسقى بمياه

الصرف والاسماك في المزارع السمكية تسبح

في بحار من مياه الصرف والناس تأكل كل هذا

وهي راضية وساكتة فلم يجد أي غضاضة

فيما فعل أو لعله رأى إنه العادي في بلدنا


وينتهي العام وكل بيت في مصر لا حديث فيه إلا

عن القنبلة الذرية التي فرقعتها الحكومة في وجوهنا

"قانون الضرائب العقارية"

والتي تعيدنا إلى زمن جبايات السلاطين والمماليك

التي تلهب ظهور الغلابة في مصر المحروسة
والآن كيف مر هذا العام علي أنا؟

الحقيقة مر كسابقيه كلمح البصر
واكثر ما يضايقني ضياع الوقت بهذه الصورة

دون انجاز أي شيء حقيقي يجعلني أفر من ذلك

الشعور الذي يطاردني دائما..

الشعور بضياع العمرسدى وعدم تحقيق أي شيء
والأمر الذي كنت أظنه أفضل ما حدث لي لم يكن

سوى وهما كبيرا عشت فيه وقتا للأسف ليس

بالقليل صحوت على صدمة كنت بالفعل

استحقها ولا اعرف متى سأتعافى منها

لكني أعرف أن الزمن خير طبيب

أجمل ما حدث لي بالفعل كان هذه المدونة
ليست كتاباتي فيها بالطبع فهي لم تكن ذات

نفع كبير
لكن كان أجمل شيء هو كل هؤلاء المدونين

المتميزين الذين تعرفت عليهم

واطلعت على مدوناتهم الرائعة

لقد استفد منهم أيما استفادة وساعدتني تدويناتهم

كثيرا واسعدني كثيرا أيضا من شرفوني بالزيارة

في مدونتي وافادتني كثيرا جدا تعليقاتهم

فلايمضي العام دون أن اشكرهم جميعا شكرا جزيلا

وأن اشكر من فتح أمامي هذا العالم السحري

وكان سببا لدخولي إليه..



وختاما ارسلت لي احدى صديقاتي هذه الكلمات

التي اعجبتني كثيرا لنبدأ بها العام:




بقيت أيام قليلة وتنتهي السنة بحلوها ومرها


وتجيء سنة جديدة..
ونبدأ السنة الجديدة بصفحة جديدة..
لاتنظر خلفك فذالك ماضي يؤلمك..
ولا إلى اليوم فإنه حاضر يزعجك...
ولا إلى الأمام فهو مستقبل قد يؤرقك..
لكن انظر إلى فوق فإن لك ربا يرحمك..


اعتذار..
أيام قليله وستطوى صفحة العام إلى يوم القيامه


وستفتح صفحه بيضاء لعام جديد


فأريد أن اعتذر لقلوب احبتني لا اعلم اهي راضيه

عني ام ساخطه علي لفعلً جهلته
أو تقصير تماديت به او غيبه اغتبتهم بها

فاعيد لقلوبها الصفاء والمحبه
فالعفو والصفح من شيم الكرام



















هناك 10 تعليقات:

خواطر شابة يقول...

اه كم هو مؤلم ان تكون حصيلة السنة بالنسبة للعرب والمسلمين بهذه السوداوية ولكن والله العظيم مرات أقول انه بذنوبنا سلط علينا دعواتي من القلب ان ربي يصلح الاحوال وان تتغير اوضاعنا للاحسن ان شاء الله
على المستوى الشخصي اشترك معك في الاحساس بأن العمر يمضي هباء والله هذا هو احساسي السنون تمضي بسرعة أحسها تتفلت من بين اصابعي دون أن أحقق شيئا فقط الواحد يحمد الله على نعمة الصحة
اعجبتني الكلمات التي أنهيت بهاالموضوع فعلا علينا أن ننظر لفوق لرب سيرحمنا ان شاء الله
سنة سعيدة اتمناها لك تحققين فيها كل أمالك ان شاء الله
تقبلي تحياتي

mimi يقول...

البوست جميل وفيه أدق تفاصيل السنة
اتمني 2010 تكون أحسن يارب ويكون كشف الحساب فيه مرضي عن كده ويكون الاسلام والعرب في شأن أعلي مما هو عليه ... يارب

Heba Faruq يقول...

عزيزتي خواطر شابة

الحقيقة لم اكن اريد فعلا ان اكتب بوست بهذه السوداوية لكن ما باليد حيلة هذا هو حالنا ومعك حق تماما"إذا كنتم في شر فمن انفسكم" واتمنى ان ندرك ذلك ونحاول نتغير وربنا يصلح الاحوال
واتمنى ان يكون العام القادم سعيد عليك تحققين فيه كل ما تتمنيه إنشاء الله

اسعدتني كثيرا زيارتك

Heba Faruq يقول...

عزيزتي ميمي

شكرا لك واشاركك دعواتك في ان العام القادم يكون بمشيئة الله افضل وحال العرب والمسلمين يكون احسن وربنا قادر على كل شيء

نورتيني وكل عام وانت بخير

د/ أحمد لاشين يقول...

ربنا يكرمك
ولكن القادم افضل ان شاء الله
وجميلة هي تلك الكلمات التي نقلتيها
انظر إلى فوق فإن لك ربا يرحمك
كل عام وانتم بخير

Heba Faruq يقول...

عزيزي د/أحمد لاشين

اسعدتني زيارتك كثيرا
وربنا يجعل العام القادم سعيد عليك إنشاء الله
وكل سنة وانت طيب

well يقول...

كشف حساب بصراحة تعب قلبى ....بس بجد احييكى يا هبه على المجهود الرائع ....وشكرا على كوكتيل الاخبار

تحياتى

blue-wave يقول...

انا ايه اللى جابنى هنا النهاردة؟؟
بوست مؤلم بحق
مؤلم جدا

Heba Faruq يقول...

عزيزي well

وبصراحة تعب قلبي انا اكتر وانا بعمله
شكرا لك كثيرا واسعدتني زيارتك

Heba Faruq يقول...

عزيزي blue-wave

اتفق معك انه بوست مؤلم وانا كما قلت لم أكن ارغب في كتابة بوست بهذا الشكل لكن هذه هي اخبارنا شئنا ام ابينا
اعذرني انني سببت لك هذا الشعور لكن صدقني الأشد إيلاماً هو حالنا نفسه
اتمنى ان يصلح الله الأحوال لأتمكن من التعليق على خبر واحد فقط جيد..فهل هذا كثير
اعذرني مرة أخرى واسعدتني زيارتك