03 يوليو، 2009

أزمة حوار

لم أرغب في التعليق على أزمة الانتخابات الإيرانية في البداية
لعلي من أنصار التروي وانتظار ما ستسفر عنه الأمور في النهاية..
أو لعل ذلك يعود إلى عدم فهمي لحقيقة ما حدث بالفعل..
فعندما اندلعت مظاهرات الاحتجاج ضد نتيجة الانتخابات لم تكن
الحقيقة واضحة وكانت هناك أمور كثيرة خفية..
وزاد الأمور غموضاً ذلك التضارب في التصريحات
فتارة يعلن مجلس صيانة الدستور إنه حدث بالفعل تزوير في الانتخابات
لكنه بعدد محدود.. وكأن محدوديته هذه تضفي عليه شرعية
أو لعلها تنفي عنه صفة الخطأ.. وهذا أمر غريب حقاً
فالتزوير أي كان حجمه هو في النهاية تزوير
يطعن في مصداقية الانتخابات كلها
وتارة أخرى يخرج علينا مجلس الحرس الثوري وينفي وجود
تزوير ويؤكد فوز نجاد
فنتوه نحن البعيدون عن أرض الأحداث بحثاً عن الحقيقة
التي يصعب التحقق منها


لكني بصراحة شديدة وبعيداً عن الحيادية والموضوعية
لا أنكر إنني لم أرتاح نهائياً لخبر اعادة انتخاب نجاد
ولا أخفي أيضاً إنني فرحت كثيراً في البداية عندما أعلن موسوي فوزه
رغم إنني لم أكن أعرف أحداً من المرشحين الآخرين
لكن كنت أتمنى أن يتم انتخاب أي شخص آخر غير نجاد هذا
الذي يبدو انه لم يكن في جعبته سوى تلك التصريحات الأشاوسية
التي كان يصدع بها رؤوسنا ولم تكن في صالح أحد سوى اسرائيل
ويبدو إنها كانت تهدف فقط إلى التغطية على الأزمة الاقتصاية
في داخل إيران والتي يرى الكثيرون ان سياسة نجاد كانت سبباً
في تفاقمها أو هو على الأقل لم يفعل شيئاً لحلها
وأظن ذلك من أهم أسباب تلك الاحتجاجات على إعلان فوزه
لكني بعيداً عن كل ذلك أرى ان الأزمة الإيرانية كشفت عن أمر
هو في الحقيقة ليس جديداً وأنما يبدو إنه متغلغل في أعماق
المجتمعات خاصة في هذه المنطقة وهو أزمة الحوار
عدم القدرة على التواصل مع الآخرين بأهم أداة لذلك على الاطلاق
وهي التحاور والاستماع لوجهات النظر الأخرى..
فعنما يتخذ طرف قراراً ما يرغب في فرضه على الجميع
وإذا حدث وارتفعت أصوات الاحتجاج تصم الآذان عنها
ويتم اخمادها بالقوة
وقد هالني حقاً الاسلوب الذي تعاملت به السلطات الإيرانية
مع المتظاهرين فقد استخدمت الرصاص الحي بل ويقال إنها
كانت تلقي الماء الساخن من الطائرات على المتظاهرين
لماذا اللجوء لكل هذا ولماذا لم يتم حل الأمر بالجلوس والتحاور
إذا كان كل طرف حقاً يثق جيداً في صحة موقفه وصحة ما يدعي
لماذا لا تكون هناك قناة أفضل لحل المشاكل
ولماذا لا تكون هناك قنوات شرعية لابداء الرأي والاحتجاج السلمي
عندما تكون هناك أزمة حوار يتمسك كل طرف بما في رأسه
ولا يرغب في تقديم أي تنازلات للوصول لحل وسط
بل هو ليس لديه أدنى رغبة في الاستماع للطرف الآخر
أو محاولة فهم ما يقوله ويفكر فيه
لكن فرض الآراء مهما طال أمده لا يكون في صالح أحد

وأعتقد أن المشكلة الإيرانية بدأت أساساً قبل الانتخابات
وأظن أيضا إنه قبلها بأمد طويل
فمثلاً عندما يحدث خلاف مع رئيس الوزراء فلا يتم اقصاؤه فقط من منصبه
وإنما يتم الغاء المنصب نهائياً
وعندما يتم قطع خطوط الاتصال وخدمة ارسال الرسائل القصيرة SMS
عشية الانتخابات ..وغيرها الكثير
اعتقد إن كل هذه دلائل على إن المشكلة لم تبدأ يوم إعلان النتائج
وإنما قبل ذلك بكثير
ومع التطورات الحالية اظنها ستستمر أيضاً لفترة طويلة

ليست هناك تعليقات: